«قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين [1] » وفي [صحيح مسلم] ، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس [2] » وهذان الحديثان وما جاء في معناهما من الأحاديث كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى، وتوفيرها، وتحريم حلقها وقصها، كما ذكرنا، ومن زعم أن إعفاءها سنة يثاب فاعلها ولا يستحق العقاب تاركها فقد غلط وخالف الأحاديث الصحيحة؛ لأن الأصل في الأوامر الوجوب، وفي النهي التحريم، ولا يجوز لأحد أن يخالف ظاهر الأحاديث الصحيحة إلا بحجة تدل على صرفها عن ظاهرها، وليس هناك حجة تصرف هذه الأحاديث عن ظاهرها.
وأما ما رواه الترمذي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها [3] » فهو حديث باطل لا صحة له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن في إسناده راويا متهما بالكذب.
أما من استهزأ بها وشبهها بالعانة فهذا قد أتى منكرا عظيما يوجب ردته عن الإسلام؛ لأن السخرية بشيء مما دل عليه كتاب الله [1] أحمد (2 / 229) ، والبخاري [فتح الباري] برقم (5893) ، ومسلم برقم (259) . [2] مسلم برقم (260) . [3] الترمذي برقم (2763) .