فمعناها أن الله سبحانه أثنى على نفسه بأنه الأحد الصمد الذي لا شريك له في صفات جلاله وكماله ولا في ملكه ولا في التفضل بالنعم على خلقه حسية ومعنوية التي من أجلها وأرفعها ابتعاثه رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العالمين رحمة منه وفضلا، وإنزاله عليه القرآن كتابا قيما، أي: مستقيما {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا} [1] فلا اختلاف فيه ولا تناقض ولا اضطراب، بل يؤيد بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا، يهدي به الله من اتبع هداه إلى سبل السلام، وينذر به عقابه الشديد عاجلا وآجلا من حاد عن سبيله فعصى أمره وتعدى حدوده.
{وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ} [2] الذين يصفونه بصفات الكمال وينزهونه عن الشريك والصاحبة والولد ويعملون الأعمال الصالحات، ويحفظون حدوده بأن لهم أجرا عظيما ونصرا عاجلا في الدنيا، ونعيما أبديا في الآخرة {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} [3] لا يزولون عنه ولا يزول عنهم، عطاء غير محدود وينذر بأسه وشديد عذابه الذين انتقصوه بغيا وعدوانا، فقالوا: اتخذ الله ولدا، جهلا منهم وبهتانا، إذ لا علم لهم بذلك ولا لآبائهم من قبل، إنما هو الجهل القديم الموروث قلد فيه آخرهم أولهم لغباوتهم وعمى بصائرهم، {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} [4] اشتدت قبحا وشناعة تلك [1] سورة الكهف الآية 1 [2] سورة الإسراء الآية 9 [3] سورة الكهف الآية 3 [4] سورة الكهف الآية 5