وهو: أن الشافع لا يشفع إلا بإذنه، وقد دل قوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [1] على أن رضاه عن المشفوع شرط، فهذان شرطان للشفاعة. والصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يتوسلون بذات الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما كانوا يطلبون منه أن يدعو لهم، فالاستعانة بالحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه جائزة، ولا يجوز أن يطلب منه ما هو من حق الله جل وعلا، هذا في الحي، فأما الميت فلا يجوز التوسل به والاستشفاع به مطلقا، بل هو وسيلة من وسائل الشرك كما سبق.
وأما من يعكف عند هذا القبر فلا يخلو من أمرين:
أحدهما: أن يكون الغرض منه عبادة الله، فهذا لا يجوز؛ لما فيه من الجمع بين معصية العكوف ومعصية عبادة الله عند القبر، وذلك من وسائل الشرك التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما بالنسبة لتحريم العكوف فروى الترمذي في جامعه وصححه عن أبي واقد الليثي قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما [1] سورة الأنبياء الآية 28