فيستجيب لما يطلبه الراقي منه، وإن لم يكن مقتنعا بما يقول له، فيضعف في هذه الحالة كمال توكله على الله؛ ولذلك وصف الله السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب بتمام التوكل؛ لأنهم لا يسألون غيرهم أن يرقيهم، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون، فيجمعون بين كمال وقوة الصبر على الابتلاء والضراء، وبين تمام التوكل على الله وحده، والفوز برضاه والثواب على ذلك. وهذا لا ينافي أخذهم بالأسباب، وإنما تركوا ذلك استسلاما للقضاء، وتلذذا بالبلاء، وتحقيقا لكمال التوحيد، وتمام التوكل على الله سبحانه، وطلب التداوي، والأخذ بالأسباب، وطلب الرقية لا ينافي التوكل، بل ذلك مما أمر الشرع به عند الحاجة له، مع الاعتقاد أن الله هو النافع الضار، وهو الذي خلق الأسباب والمسببات، وأن الله لم يخلق داء إلا جعل له دواء، كما جاءت بذلك السنة الصحيحة.
وذكر الرقية للعين والحمة في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا رقية إلا من عين أو حمة [1] » لا يدل على الحصر.
قال الخطابي في (معالم السنن ج 4 ص. 210) : (وليس في هذا نفي جواز الرقية في غيرهما من الأمراض والأوجاع. . .، وإنما معناه: أنه لا رقية أولى وأنفع من رقية العين والسم، وهذا كما قيل: لا فتى إلا علي، ولا سيف إلا ذو الفقار؛ لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رقى [1] سنن الترمذي الطب (2057) ، سنن أبو داود الطب (3884) ، مسند أحمد بن حنبل (4/446) .