أفدنا جزاك الله خيرًا.
فأجاب، رحمه الله تعالى، بقوله: بعد السلام، فسرّني ما ذكرت، ألهمك الله التوفيق. ولا تعتذر من السؤال، فإن هذا هو الواجب عليك وعلى غيرك، كما قالوا: مفتاح العلم السؤال. ولكنن اعلم أن المسائل والعلوم المهجورة (لا) [1] يفهمها الإنسان إلا بعد المراجعة والمذاكرة، ولو كانت واضحة. وهذه المسائل من العلوم المهجورة، كما ذكرت فعل الطلبة في باب حكم المرتد، مع أن معرفة الله ومعرفة حقه أجلّ العلوم وأشرفها، فلا تستح من المراجعة وكثرة السؤال، ما بقي في نفسك شيء من الإشكال [2]. وقولك: إن أهل العلم لم يشرحوها، فكثير من الكتب لم يوجد عندكم، وإلا جميع ما ذكرت قد شرحوه.
فأما المسألة الأولى: فالعلماء استدلوا عليها بقوله تعالى [3] في حق بعض المسلمين المهاجرين في غزوة تبوك: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [4]، فذكر السلف والخلف أن معناها عام إلى يوم القيامة، فيمن استهزأ بالله والقرآن أو الرسول. وصفة كلامهم أنهم قالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء. يعنون بذلك رسول الله والعلماء من أصحابه. فلما نقل الكلام عوف بن مالك، أتى القائل يعتذر أنه قاله على وجه اللعب، كما يفعل المسافرون [5]. [1] في المخطوطة: (ما يفهمها) . [2] في طبعة الأسد: (ما بقي عليك شيء من الإشكال) ، وكذا في طبعة أبا بطين. [3] في طبعة الأسد وأبابطين: (فالمسألة الأولى قد استدل العلماء عليها بقوله تعالى) . [4] سورة التوبة آية: 65. [5] كذا في الأصول, ولعل الصواب: (المسامرون) من السمر. عبارة الأسد.