كان ماني نفسه قد غير التفاصيل في المسيولوجية الزروانية، وتبنى تفاصيل أخرى، أو فيما إذا وجدت من قبل ترجمة متطابقة مع النمط المانوي في الزروانية، وعلى أية حال من الممكن إعادة موضوع إغواء الأراكنة إلى ذلك المصدر بالذات أي: إلى العقيدة الزروانية التي التقينا بها مرارًا من قبل.
هذا؛ وإن حقيقة أن المسيولوجية المانوية حين افترضت وجود صلة غريبة من ذرات النور والنطف قد احتاجت إلى موجب ليس مفاجئًا، فقد ارتكز ماني نفسه هنا على آراء معاصرة أيضًا، فقد كانت مدارس الطب الإغريقية القديمة تعتقد أن النطف الصادرة عن الحبل الشوكي قد تشكلت من سيلان ملتهب، وقامت خلف مثل هذا التأمل الطبي فكرة مسيولوجية ظهرت في الثقافة الإيرانية الهندية، وكان الأساس في جميع هذه النظريات هو أن النار هي العنصر الأسمى في الجسم الإنساني، وبما أن الإنسان هو عالم صغير يمثل الكوني الكلي فقد افترض أنه مركب من النار والهواء، والماء والتراب، وكانت الروح زفيرًا ملتهبًا، واعتبرت النطف على أنها نوع ملتهب من المواد.
واعتقد أيضًا أن الشمس والقمر والنجوم هي نوع ملتهب من المادة، ومن هنا أتت ذاتية الإنسان العليا، وهي ستعود إلى هنا. هذا، وليس من السهل القول فيما إذا كان ماني قد اقتبس هذه الآراء من مصادر إيرانية أو مصادر هلنستية، فمن المحتمل أن مثل هذه النظريات كانت مألوفة تمامًا بالنسبة إلى أتباع مذهب الغلطوسية في حران، وهم الذين أعطوا مقدارًا وفيرًا من الوقت للنظرية والتطبيق الطبي، ويمكن التسليم على أنها كانت زائعة في بلاد الرافدين عمومًا، وقد حققت تصديقًا وقبولًا على أيدي الأطباء الهنود والإيرانيين، فقد كان ماني ابن زمانه في مثل هذه المسائل مثله في غيره دائمًا، يعايش الواقع، ويبني دينه على النظريات والأساطير والأوهام، وما كان موجودًا في واقعه وفي الحضارات، والديانات من حوله؛ ليوجد دينًا يتفق مع الواقع يسيره الواقع، والحمد لله على نعمة الإسلام، وكفى بها نعمة، ونعوذ بالله من الكفر، ومن الخذلان.