ثم كان لصفات بوذا الشخصية أثر كبير فيما صادفه من نجاح، ومن أبرز صفاته عدائه للتعصب الديني، واعتبار التعصب أعدى أعداء الدين، وقد رأى مرة أحد تلاميذه غرق في نقاشٍ حادٍّ مع برهمي كان يرمي بوذا بالإلحاد وقلة الورع، وكان يطعن في نظام التسول الذي أسسه بوذا، ولما رأى بوذا حماسة تلميذه وحدته أنكر عليه ذلك.
وقال: أيها الإخوان إن كان هناك من يقذع في ذاتي، أو في ديني، أو في النظام، فليس لكم أن تغضبوا، أو تحزنوا، أو تحقدوا؛ لأنكم بهذا تعرضون أنفسكم لخطر الخسارة الروحية أولًا ثم لا تتمكنون في ثورة الغضب من تمحيص أقوال القادح ثانية، وكما كان عدوًا للتعصب الديني كان عدوًا للغضب والطيش، فلم يُعرف عنه أنه سبَّ، أو سخط، أو نطق لسانه بكلمة جارحة أو قاسية، وكان يرى الدنيا جاهلةً غافلةً لا شريرة خبيثة، كل هذا جمع الأصدقاء حول بوذا، وسببت لدعوته النجاح الذي حظيت به دون كثير من العناء والجهل.
وفاة بوذا:
بلغت عناية الأدب الهندي الحديث ببوذا، والبوذية درجة كبيرة، وبين يدي مقال رائع أشبه بقصيدة رقيقة يصور نهاية بوذا، ومن هذا المقال نقتطف بعض فقرات:
عاشت "ياسود هارا" زوجة "غوتاما" منذ خرج زوجها في كوخ مثل كوخه على مدخل مدينة "راج راها"، ولما احتشدت الجمعية في ظل التلة الصغيرة هناك قبيل انهيار الأمطار، وكان السيد يحرك عجلة الإرشاد أمام الجميع جلست "ياسود هارا" وحدها مختفية بين ذلك الحشد العظيم تسمع كلام المبارك، وكان "راهولا" ابنها الوحيد يكلمها مرة واحدة كل سنة.
أما السيد فكانت لا تراه، وعندما توجه السيد إلى التل وليس معه إلا "أنندا" ابن عمه، ومريده الأول أسر إليه السيد قائلًا: يا "أنندا" لقد حانت الساعة التي تجتاز