والمتأخرين. ولهم كتب في مخاطبة الشمس والقمر والنجوم ومناجاتها ودعائها والالتجاء إليها لقضاء الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفان.
وقد صنف بعض الأعيان في المائة السادسة من الهجرة كتابا سماه (السر المكتوم في السحر ومخاطبة الشمس والقمر والنجوم).
قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى: (وهذه ردة صريحة). وقال في موضع آخر: (هذه ردة عن الإسلام باتفاق المسلمين وإن كان قد يكون عاد إلى الإسلام). انتهى.
وقد أراد الصواف أن يبالغ في الثناء على نصير الشرك الطوسي بما وصفه به من سهر الليالي الطوال في مناجاة النجوم فانعكس الأمر عليه وكان مدحه له ذما من أبلغ الذم حيث حكم عليه بالكفر وألحقه بعباد النجوم من فلاسفة اليونان وأتباعهم وهو لا يشعر.
وقد قيل في المثل السائر: (عدو عاقل خير من صديق أحمق).
وأما قوله: (ورصد حركاتها وسكناتها).
فجوابه أن يقال: إن النجوم ليست جامعة بين الحركة والسكون كما قد توهمه الصواف وإنما هي دائبة في الحركة والجريان إلى يوم القيامة سوى القطبين فإنهما لا يفارقان موضعيهما, ولا يخلو الصواف في قوله هذا من أحد أمرين؛ إما أن يقول إن النجوم قد جمعت بين الحركة والسكون في آن واحد, وإما أن يقول إنها تتحرك في وقت وتسكن في وقت آخر. فإن قال بالأول فقد جمع بين النقيضين ولا يقول بذلك من له أدنى مسكة من عقل. وإن قال بالثاني فقد كابر المحسوس المشاهد من جريان النجوم على الدوام مع مخالفته