وقد وهم ابن محمود فجعل هذا الحديث عن حارثة بن النعمان، والصواب أنه الحارث بن مالك الأنصاري كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الإصابة.
وأما حديث علقمة بن يزيد بن سويد الأزدي فهو أضعف مما قبله، قال الحافظ الذهبي في الميزان: علقمة بن يزيد بن سويد عن أبيه عن جده لا يعرف وأتى بخبر منكر فلا يحتج به، وكذا قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان.
وإذا علم سقوط الحديثين اللذين احتج بهما ابن محمود على الجزم بالإيمان بدون استثناء فليعلم أيضا أن المعتمد في هذا ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه وغيره من أكابر العلماء؛ من إنكار الجزم بالإيمان بدون استثناء وليس مع من خالفهم دليل يصلح لمعارضتهم.
وأما الآية من سورة البقرة وهي قوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} فإن العطف فيها بالواو يفيد المغايرة بين جميع المذكورين في الآية الكريمة، ومن زعم أن الواو لا تفيد المغايرة وأنه يراد بالتالي نفس الأول فلازم قوله أن يكون ميكال نفس جبريل وأن تكون الرسل من بني آدم نفس الملائكة، وهذا من أبطل الباطل.
وإنما وقع النص على جبريل وميكال مع أنهما من الملائكة لشرفهما على سائر الملائكة وهو من باب عطف الخاص على العام.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله» فإنما هو وارد في التحذير من دعوى الجاهلية, وهو أن الرجل منهم إذا غلب خصمه نادى قومه بأعلى صوته يا آل فلان فيبتدرون إلى نصرته ظالما كان