ومن الضرب الثاني لتعارض العلل أيضًا: "هلم": فقد ألحقها الحجازيون باسم الفعل الأمر لدلالتها على الأمر من غير أن تقبل علامة فعل الأمر؛ فلا تتصل بها نون التوكيد، وتكون بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث، وبلغتهم جاء التنزيل، وقد وردت متعدية بمعنى: أحضر وهات، ومنه قوله تعالى: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} (الأنعام: 150)، ولازمة بمعنى: ايتِ وأقبل، وتتعدى بإلى كقوله -عز وجل-: {هَلُمَّ إِلَيْنَا} (الأحزاب: 18).
والتميميون يلحقونها العلامات؛ فهي عندهم فعل أمر؛ فتتصل بها الضمائر على حد اتصالها بالأفعال؛ فيقولون: هلم، وهلمي، وهلما، وهلموا، وهلممن، على حسب نوع المخاطب وعدده استصحابًا ومراعاة لأصلها؛ فهي في الأصل مركبة من "ها" التي للتنبيه و"لم" التي هي فعل أمر من قولهم: لم الله شعثه، أي: جمعه؛ كأنه قيل: اجمع نفسك إلينا، وحذفت ألف "ها" لكثرة الاستعمال.
جوازُ التعليل بالأمور العدَمية
قال السيوطي: "يجوز التعليل بالأمور العدمية؛ كتعليل بعضهم بناء الضمير باستغنائه عن الإعراب باختلاف صيغه لحصول الامتياز بذلك". انتهى.
ومن النحاة الذين أشار إليهم السيوطي: ابن مالك الذي قال في (التسهيل): "ويبنى المضمر لشبهه بالحرف وضعًا وافتقارًا وجمودًا أو للاستغناء باختلاف صيغه لاختلاف المعاني".