وإنما رجح ابن جني تعليل سيبويه في المسألة المذكورة جر الوجه تشبيهًا بجر الرجل في المثالين المذكورين ونحوهما؛ لأن لهذا الحمل مسوغًا قويًّا أشار إليه ابن جني بقوله: "وذلك أن الفروع إذا تمكنت قويت قوة تسوغ حمل الأصول عليها؛ وذلك لإرادتهم تثبيت الفرع والشهادة له بقوة الحكم". انتهى.
أما تعليل المبرد؛ فليس له هذه القوة؛ إذ جعل الشيء علة نفسه؛ فتسكين اللام في باب ضربتُ؛ لحركة الضمير، وحركة الضمير لسكون اللام؛ فقال عنه ابن جني: شنيع الظاهر والعذر فيه أضعف منه في مسألة (الكتاب).
تعارُضُ العلل
مادة هذه المسألة ملخصة عن باب أورده ابن جني في (الخصائص): بالعنوان نفسه، وقد ذكر فيه ابن جني أن الكلام في معنى تعارض العلل ضربان:
أحدهما: حكم يتجاذب وجوده وحصوله علتان فأكثر منهما.
والآخر: حكمان في شيء واحد مختلفان دعت إليهما علتان مختلفتان.
فالأول سبق ذكره عن ابن جني وهو: جواز التعليل بعلتين، ومثل له فيما مثل بقلب الواو ياء في نحو "مسلمِيَّ"؛ لأمرين ذكرناهما هناك.
ومن الأمثلة التي ذكرها في باب تعارض العلل لهذا النوع أيضًا: رفع المبتدأ؛ فالبصريون يعتلون لرفعه بالابتداء، والكوفيون إما يرفعونه بالخبر الذي هو مرافعه؛ فالمبتدأ والخبر عندهم يترافعان؛ وإما بما يعود عليه من ذكره من الخبر على حسب مواقعه؛ وكذلك رفع الخبر، ورفع الفاعل ورفع ما أقيم مقامه، ورفع خبر "إنَّ" وأخواتها، وكذلك نصب ما انتصب، وجر ما انجر، وجزم ما