حجيةُ إجماع النحاة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الإجماع في اللغة مصدر الفعل الرباعي أجمع، وله معنيان:
أحدهما: العزم، يقال: أجمعت على الأمر، أي: عزمت عليه عزمًا لا يلحقه توانٍ ولا نقص.
والآخر: الاتفاق، يقال: أجمع القوم على كذا، أي: اتفقوا عليه وتواطئوا.
ويرجع تعريف الإجماع في الاصطلاح إلى المعنى الثاني، وهو الاتفاق.
وقبل تعريف الإجماع في اصطلاح النحويين لا بد من الإشارة إلى أمرين:
أحدهما: أن هذا المصطلح مصطلح فقهي اعتمده الفقهاء أصلًا من أصول الشريعة ودليلًا من أدلتها، وقد عرفوه بأنه: اتفاق المجتهدين من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد زمانه في عصر على حكم شرعي، ثم انتقل هذا المصطلح من الفقه إلى النحو؛ فكان الأصل الثاني من أصول النحو عند ابن جني الذي جعل أصول النحو ثلاثة كما ذكر السيوطي، وهي: السماع، والإجماع، والقياس.
والأمر الآخر: أن الإجماع إما أن يراد به إجماع النحاة؛ وإما أن يراد به إجماع العرب، والغالب أن يكون المراد به إجماع النحاة على حكم ما.
ومن هنا كان تعريف الإجماع في الاصطلاح هو: اتفاق نحاة البلدين -البصرة والكوفة- على حكم نحوي أو على أمر يتصل بالصناعة النحوية.
وقال السيوطي: المراد به: إجماع نحاة البلدين البصرة والكوفة.
وإنما قيد التعريف بنحاة البصرة والكوفة؛ لأنهم -كما قال- الجماعة التي طال بحثها وتقدم نظرها: