اللغة الضعيفة أولى من الشاذ
لقد ذكر ابن عصفور فيما نقله السيوطي عنه أنه إذا تعارض ارتكاب شاذ ولغة ضعيفة، فارتكاب اللغة الضعيفة أولى من ارتكاب الشاذ، ومعنى ما ذكره ابن عصفور: أنه إذا دار أمر المتكلم بين أن يتكلم بلغة ضعيفة أو بكلام شاذ، فإن التكلم باللغة الضعيفة أولى من ارتكابه الشاذ؛ لأن هذه اللغة على ضعفها مروية عن بعض العرب، وكل لغة تمثل حقلًا لغويًّا لا يصح إهداره أو الحيف عليه، وليس كذلك الشاذ، فاللغة الضعيفة إنما قُدِّمت على الشاذ؛ لأن اللغة الضعيفة مجمع على أن طائفة من العرب قد نطقت بها وإن كانت ضعيفة؛ ولأن الأصل في الشاذ أن يحفظ ولا يقاس عليه، فلا يجوز أن تبنى عليه القواعد، والمراد بالشاذ هنا المردود كتتميم مفعول فيما عينه واو نحو قول بعضهم: ثوب مصوون، ومِسك مَدْوُوف، أي: مخلوط أو مبلول، وفرس مقوود، ورجل مَعْوود من مرضه.
الأخذ بأرجح القياسين عند تعارضهما
إن التعارض بين قياسين صورة من صور التعارض بين الأدلة، وقد أفرد الأنباري في كتابه (لمع الأدلة) فصلًا عنوانه: في معارضة القياس بالقياس، وعنه نقل السيوطي هذه المسألة، وقد ذكر الأنباري في مقدمة هذا الفصل: أنه قد يقع التعارض بين قياسين؛ فأحدهما يثبت حكمًا، والآخر يثبت حكمًا آخرَ، وإذا وقع التعارض بين القياسين رُجِّح أحدهما على الآخر. وقد ذكر الأنباري أن هناك طريقين يرجح بهما بين القياسين المتعارضين، فقال: "اعلم أن القياسين إذا