نام کتاب : شرح المفصل نویسنده : ابن يعيش جلد : 4 صفحه : 485
منكور، ويراد به أكثرُ من ذلك، وكان معناها التقليل، والتقليلُ نفيُ الكثرة؛ فضارعت حرفَ النفي إذ كان حرفُ النفي يليه الواحدُ المنكورُ، ويُراد به الجماعة، فجُعل صدرًا، كما كان حرف النفي كذلك.
ولا بدّ له من فعل يتعلّق به كالباء وغيرِها من حروف الجرّ، تقول: "ربَّ رجل يقول ذلك لقيتُ أو أدركتُ"، فموضعُ "رُبَّ" وما انجرّ به نصبٌ، كما يكون الجارّ والمجرور في موضع نصب في قولك: "بزيدٍ مررت"، و"يَقُولُ ذلِكَ" صفة لـ "رجلٍ".
ولا يكاد البصريون يُظْهِرون الفعل العامل، حتّى إِن بعضهم قال لا يجوز إظهاره إلَّا في ضرورة الشعر. وإنما حُذف الفعل العامل فيها كثيرًا؛ لأنها جوابٌ لمن قال لك: "ما لقيتَ رجلاً عالمًا"، أو قدّرتَ أنه يقول، فتقول في جوابه: "رُبَّ رجلٍ عالمٍ"، أي: لقد لقيتُ، فساغ حذفُ العامل إذ قد عُلم المحذوف من السؤال، فاستُغني عن ذكره بذلك. وحُذف ها هنا كحذف الفعل العامل في الباء من "بسم الله"، والمراد: "أبْدَأُ بسم الله"، أو "بدأتُ بسم الله"، فتُرك ذكره لدلالة الحال عليه، فأمّا قوله [من الخفيف]:
ربّ رفد هرقته ... إلخ
فإنّ البيت للأعشى، والشاهد فيه لزومُ الصفة للنكرة. فالرَّفْدُ بالفتح: القدح العظيم، ويروى بالكسر، وهو مَثَلٌ، ولم يُردْ في الحقيقة رفدًا. والأسْرَى: جمع أسِيرٍ. والأقْتالُ: جمع قِتْلٍ وهو العدوّ. وقوله: "هرقته" في موضع الصفة، لـ"رفد" المخفوض بـ "رُبَّ". والذي يتعلّق به "رُبَّ" محذوفٌ تقديره: "سبيتُ"، أو"ملكتُ". وقوله: "مِن معشر أقتال" في موضع الصفة لـ "أسْرَى"، فيتعلّق الجارّ والمجرور بمحذوف، ولا يتعلّق بنفسِ "أسرى"؛ لأن المخفوض بـ "رُبَّ" لا بدّ له من الصفة.
* * *
قال صاحب الكتاب: ومنها أن فعلها يجب أن يكون ماضياً، تقول: "ربّ رجلٍ كريمٍ قد لقيت"، ولا يجوز "سألقى", أو "لألقين". وتكف بـ "ما", فتدخل حينئذ على الاسم والفعل, كقولك: "ربما قام زيدٌ"، و"ربما زيدٌ في الدار", قال أبو دؤاد [من الخفيف]:
1078 - ربما الجامل المؤبل فيهم ... وعناجيج بينهن المهار
1078 - التخريج: البيت لأبي دؤاد الإياديّ في ديوانه ص 316؛ والأزهيَّة ص 94، 266؛ وخزانة الأدب 9/ 586، 588؛ والدرر 4/ 124؛ وشرح شواهد المغني 1/ 405؛ ومغني اللبيب 1/ 137؛ والمقاصد النحوية 3/ 328؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص 448، 455؛ وجواهر الأدب ص 368؛ والدرر 4/ 205؛ وشرح الأشموني 2/ 298؛ وشرح التصريح 2/ 22؛ وشرح ابن عقيل ص 370؛ وهمع الهوامع 2/ 26.
نام کتاب : شرح المفصل نویسنده : ابن يعيش جلد : 4 صفحه : 485