responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح المفصل نویسنده : ابن يعيش    جلد : 1  صفحه : 83
الزمن، من جهة اللفظ، وإنّما الزمان من لوازمها وضروراتِها، وهذه الدلالةُ لا اعتدادَ بها، فلا يلزم التحرُّرُ عنها، ألا ترى أن جميع الأفعال لا بدّ من وقوعها في مكان؟ ولا قائل أن الفعل دالٌّ على المكان، كما يقال أنّه دالٌّ على الزمن؟ وأمّا "خفوق النجم" فالمراد "وقت خفوق النجم"، فالزمنُ مستفادٌ من الوقت المحذوف، لا من الخفوق نفسه، على أنّا نقول: "المَضْرِبُ" و"المَقْدَمُ" زَمَنُ الضراب والُقدوم، وإنّما يُبيِّن بإضافته إلى الحاجّ والشُّوَّلِ، وذلك الزمنُ معلومٌ بالعُرْف، لا مفهوم من اللفظ ألا ترى أنّك لو أخليته من الإضافة، فقلت: "أتيتُ مَقْدَمًا"، لم يُفْهَم من ذلك زمانٌ، فعلمت أنّ هذه الألفاظ، مجرَّدةٌ عن الاقتران، أنفسُها.
وأما اشتقاق الاسم فقد اختلف العلماءُ فيه، فذهب البصريون إلى أنّه مشتقّ من "السُّمُوّ"، وذهب الكوفيون إلى أنّه مشتقُّ من "السِّمَة"، وهي العلامة [1]. والقول على المذهبَيْن أنّه لما كان علامة على المسمّى، يعلوه، ويدلّ على ما تحته من المعنى، كالطابع على الدرهم والدينار، والوَسْمِ على الأموال.
وذهب البصريون إلى أنه مشتقُّ من "السُّمُوّ"، وهو العُلُوُّ، لا من "السِّمَة" التي هي العلامة. قال الزّجاج: "جُعل الاسم تنويهًا للدلالة على المعنى، لأنّ المعنى تحت الاسم". وذهب الكوفيون إلى أنَّه مشتقٌّ من "السّمَة" التي هي العلامة. وكلامُهما حسن من جهة المعنى، إلّا أنّ اللفظ يشهد معِ البصريين؛ ألا ترى أنّك تقول: "أَسْمَيْتُه"، إذا دعوتَه باسمه، أو جعلتَ له اسمًا. والأصلُ "أسْمَوْتُه"، فقلبوا الواو ياءً، لوقوعها رابعةً، على حدِّ "أَدْعَيْتُ" و"أَغْزَيْتُ"؛ ولو كان من "السمة" لقيل: "أَوْسَمْتُه"، لأنّ لام "السُّمُوّ" واوٌ تكون آخرًا، وفاء "السمة" واوٌ تكون أوّلاً. ومن ذلك قولهم في تصغيره: "سُمَيٌّ" وأصله "سَميْوٌ"، فقلبوا الواو ياءً، وادُّغمت، على حدّ "سيِّدٍ" و"مَيتٍ"، ولو كان من "الوَسْم" لقيل فيه: "وُسَيْمٌ"، فتقع الواوُ الأوُلى [2] مضمومةً، فإن شئت أقررتَها، وإن شئت همزتَها؛ على حدِّ "وَقَّتتُ" و"أَقَّتتُ"، وفي عدم ذلك، وأنّه لم يُقَل دليلٌ على ما قلناه.
ومن ذلك قولهم في تكسيره: "أَسْماءٌ". وأصله: "أَسْماوٌ"، فوقعت الواو طرفًا وقبلها ألفٌ زائدةٌ، فقُلبت همزةً، بعد أن قُلبت ألفًا. ولو كان من الوسم لقيل فيه: "أَوْسامٌ". فليس لم يقل ذلك، دلّ على صحة مذهب البصريين، وأنّه من "السُّمُوّ". فإن ادُّعي القلبُ، فليس ذلك بالسهل، فلا يصار إليه وعنه مندوحةٌ.
وفي الاسم لغاتٌ: "اِسمٌ" بكسر الهمزة، و"اُسم" بضّم الهمزة، و"سِمٌ" بكسر السين من غير همزة، وقالوا: "سُمٌ" بضمّ السين. قال الشاعر [من الرجز]:

[1] انظر كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين. ص 6 - 16.
[2] في بعض النسخ: "أوّلًا" (عن هامش الطبعة المصرية).
نام کتاب : شرح المفصل نویسنده : ابن يعيش    جلد : 1  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست