responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح المفصل نویسنده : ابن يعيش    جلد : 1  صفحه : 226
وممًا جاء من ذلك قولُهم في المثل: "شيءٌ ما جاء بك" [1]؛ يقوله الرجلُ لرجل جاءَه، وَمَجِيئُه غيرُ معهود في ذلك الوقت، أي: ما جاء بك إلَّا شيءٌ، أي: حادثٌ لا يُعْهَد مثله.
وأمّا قولهم: "تحت رأسي سرجٌ"، و"على أبيه دِرْعٌ"، و"لَكَ مالٌ"؛ فالذي سوّغ ذلك كونُك صدّرتَ في الخبر معرفةً هي المحدَّثُ عنها في المعنى؛ ألا ترى أنّ "السرج" من قولك: "تحت رأسي سرجٌ"، وإن كان المحدَّثَ عنه في اللفظ، فالرأس مضافٌ إلى ضمير المتكلّم، وهو الياء من "رأسي"، وهذا الضميرُ هو المحدَّثُ عنه في المعنى، كأنّك قلت: "أنا مُتَوَسِّدٌ سرخًا". وكذلك "على أبيه دِرْعٌ". كأنّك قلت: "أبوه متدرِّعٌ". وكذلك "لَكَ مالٌ"، المعنى: أنت ذو مالٍ. فلمّا كان المعنى مُفيدًا، جاز، وإن كان اللفظ على خِلافه. والذي يؤيّد عندك ما قلناه، انّك لو قلت: "تحت رأسٍ سرجٌ"، و"على رجلٍ درعٌ"، و"لرجلٍ مالٌ"، لم يكن كلامًا.
وإنمَّا اشتُرط ههنا أن يكون الخبر مقدَّمًا لوجهَيْن: أحدُهما: أن الظرف والجار والمجرورَ قد يكونان وصفَيْن للنكرة، إذا وقعا بعدها, لأنّه في الحقيقة جملةٌ من حيث كان متعلّقًا بـ "اسْتَقَرَّ"، وهو فعلٌ. ويدلّ أنَّه جملةٌ أنّه يقع صلةً، والصلاتُ لا تكون إلَّا جُمَلًا. وإذا كان كذلك، فلو قلت: "سرجٌ تحت رأسي"، أو: "درعٌ على أبيه"، أو قال: "درهمٌ لي"، لَتَوهَّم المخاطَبُ أنَّه صفةٌ، وينتظر الخبر فيقع عنده لَبْسٌ. والوجه الثاني: أنّهم استقبحوا الابتداءَ بالنكرة في الواجب، فلمّا سمُج ذلك عندهم في اللفظ، أخّروا المبتدأ، وقدّموا الخبرَ. وإنمّا كان تأخيرُه أحسنَ من تقديمه، لأنه وقع موقعَ الخبر، ومن شرطِ الخبر أن يكون نكرةً، فصلح اللفظُ، وإن كُنّا قد أحَطْنَا عِلْمًا أنّه المبتدأ. ومن ذلك قولُهم: "سلامٌ عليك"، و"وَيْلٌ له". قال الله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} [2] و {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [3]. ومن ذلك: "أمْتٌ في حَجَرٍ لا فيكَ" [4]، فهذه الأسماء كلّها إنّما جاز الابتداءُ بها لأنهّا ليست أخبارًا في المعنى، إنّما هي دعاءٌ، أو مسألةٌ، فهي في معنى الفعل، كما لو كانت منصوبة، والتقديرُ: لِيُسَلَّمِ الله عليك، ولِيَلْزَمْهُ الوَيْلُ. وقولهم: "أمْتٌ في حجرٍ لا فيك" معناه: لِيكن الأمْتُ في الحجارة، لا فيك. و"الأمت": اختلافُ انخفاضٍ وارتفاعٍ. قال الله تعالى: {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا} [5]. والمعنى أبقاك اللهُ بعد فَناءِ

[1] لم أقع على هذا المثل فيما عدت إليه من مصادر.
[2] مريم: 47.
[3] المطففين: 1.
[4] ورد المثل في اللسان 2/ 5 (أمت)؛ والمستقصى 1/ 360.
[5] طه:107
نام کتاب : شرح المفصل نویسنده : ابن يعيش    جلد : 1  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست