البلدان الإسلامية في هذا العصر إلى إنشاء الكليات الطبية في بعض جامعاتها، وفي ذلك تحقيق لمقصود الشرع المقتضي لسد الحاجة، وإن كان الأمر لا يزال بحاجة إلى مزيد من العناية.
فالحاصل أن الشريعة الإسلامية لا تنهى عن تعلم الطب، وتعليمه، وتطبيقه، متى ما كان على وجه الإصلاح، وتضمن نفع العباد وصلاح أبدانهم.
وهؤلاء فقهاء الإسلام، وأئمته الأعلام نجدهم ينصون في كتبهم على حكم فرضية تعلم الطب على الكفاية [1]، بل لم يقف الأمر عند ذلك وإنما تعدَّاه إلى شحذهم الهمم وحفزهم النفوس لتعلمه حتى قال الإمام الشافعي [2] -رحمه الله-:
"لا أعلم علمًا بعد الحلال والحرام أنبل من الطب" [3] اهـ.
ولعل أصدق شاهد على عناية فقهاء الإسلام وأئمته بهذا العلم أن نجد منهم من تعلمه وعلمه، بل واعتنى بالكتابة فيه، وخاصة في أشرفه وهو الطب النبوي [4]. [1] الأشباه والنظائر للسيوطي 415، وأسنى المطالب للأنصاري 4/ 181، ومختصر منهاج القاصدين لابن قدامة ص 8، 9. [2] هو الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ينتهي نسبه إلى عبد مناف جد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولد رحمه الله بغزة سنة 150 من الهجرة وتلقى العلم بمكة والمدينة، وهو إمام المذهب الشافعي، وتتلمذ على يديه علماء أجلاء منهم الإمام أحمد بن حنبل، وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي وغيرهما، وكانت له مآثر جليلة ومناقب عظيمة، توفي -رحمه الله- بمصر في رجب من سنة 204 من الهجرة، من مؤلفاته: الأم، والرسالة.
البداية والنهاية لابن كثير 10/ 251، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 11 - 14. [3] الطب من الكتاب والسنة للبغدادي ص187. [4] ومن مؤلفاتهم في ذلك: كتاب الطب النبوي للإمام ابن القيم، ومثله للحافظ =