المطلب الأول مشروعية الإجارة على فعل الجراحة
دلت الأدلة الشرعية على جواز الإجارة على فعل الجراحة الطبية، ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجره" [1].
فقد دل هذا الحديث الشريف على جواز الإجارة على فعل الحجامة، وهي ضرب من الجراحة الطبية، ولذلك يعتبر أصلاً في جواز الإجارة على الجراحة بمختلف صورها، بل إن الحافظ ابن حجر -رحمه الله- اعتبره أصلاً في جواز إجارة الطبيب للعلاج عمومًا، فقال -رحمه الله- في شرحه: "وفيه الإجارة على المعالجة بالطب" [2] اهـ.
وثبت في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه أقر النفر الذين رقوا سيد الحي لما لُدغ فشُفي بإذن الله تعالى، فأعطوهم قطيعًا من الغنم، فقال عليه الصلاة والسلام: "اقسموا واضربوا لي بسهم معكم" [3] اهـ.
قال الإمام موفق الدين عبد اللطيف البغدادي -رحمه الله-: "في أخذهم القطيع دليل على جواز أخذ الأجرة على الطب والرقى، ويؤيد ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اضربوا لي معكم بسهم" [4] اهـ. [1] رواه البخاري في صحيحه 2/ 36، ومسلم 3/ 35. [2] فتح الباري لابن حجر 4/ 459. [3] رواه البخاري في صحيحه 2/ 36، ومسلم 3/ 19 واللفظ له. [4] الطب من الكتاب والسنة للبغدادي ص 191. قلت: وقد ترجم الحافظ أبو داود -رحمه الله- في سننه لهذا الحديث بقوله: "باب في كسب الأطباء" فاعتبره أصلاً في جواز أخذ الأجرة على المعالجة. سنن أبي داود 3/ 360.