المطلب الأول هل يؤاخذ المريض بإقراره أثناء التخدير والإفاقة؟
يتساءل بعض المختصين بالتخدير عن حكم إقرار المريض أثناء التخدير واعترافه بحقوق الله تعالى وغيرها كالمعاصى التي توجب الحد الشرعي هل يؤاخذ عليها، وتشرع الشهادة عليه بها حُسْبَةً أم لا؟.
والجواب: أن إقرار المريض أثناء التخدير الجراحي وعند الإفاقة لا يعتبر إقرارًا صحيحًا من الناحية الشرعية نظرًا لأن شرط صحة الإقرار أن يكون المقر عاقلاً [1]، والمخدر فاقد للإدراك والشعور ومن ثمَّ تخلف فيه شرط صحة إقراره فلا يقبل منه [2].
والأصل في اشتراط هذا الشرط ما ثبت في الصحيح من حديث بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- في قصة ماعز بن مالك -رضي الله عنه- لما اعترف بالزنى عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وردّه أربع مرات، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشربت خمرًا؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر ... " [3]. فقد دل هذا الحديث على عدم صحة إقرار الشخص الفاقد لعقله بسبب الجنون أو السكر. [1] تكملة فتح القدير لقاضي زاده 6/ 281، جواهر الإكليل للأبي 2/ 132، المهذب للشيرازي 2/ 343، المغني لابن قدامة 5/ 149، 150. [2] المغني لابن قدامة 5/ 150، الدر المختار للحصكفي 2/ 234، روضة الطالبين للنووي 4/ 350، مغني ذوي الأفهام لابن عبد الهادي 240. [3] رواه مسلم في صحيحه 3/ 109، 110 وقوله استنكهه أي شم رائحة فمه. شرح صحيح مسلم للنووي 11/ 200.