المطلب الرابع هل يشترط إذن الوالي بفعل الجراحة الخطيرة؟
لما كان المقصود من نصب الوالي رعايته لمصالح الأمة بتحصيلها عند فقدها، والمحافظة عليها حال وجودها، فإنه لا شك في شرعية استئذانه في فعل الجراحة الطبية الخطيرة، وذلك لأن هذا النوع من الجراحة يشتمل على أخطار توجب الرجوع إلى ولي الأمر لكي ينظر في عظيم الغرر الموجود فيها، فإن كانت مشتملة على ما يوجب الضرر والمفسدة العامة كان من حقه منع الطبيب، وإذا كانت مشتملة على المصلحة الراجحة أذن له بفعلها.
وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه "بعث إلى أبي بن كعب رضي الله عنه طبيبًا فقطع منه عرقًا ثم كواه عليه" [1]. ومع ذلك لم يستأذن أبيًا.
فدل هذا على أحقية ولي الأمر في الإذن بفعل الجراحة وعدمه.
والمريض قد يتعجل في الإذن بالجراحة الخطيرة، نظرًا لتعجله الشفاء وحرصه على تحصيله، ومن ثم قد يستدرك عليه ولي الأمر بنظره في هذا النوع من الجراحة ما قد يفوت بسبب استعجاله وإقدامه على فعلها بدون ترو وتأمل.
ثم إن الجراحة الخطيرة من شأنها أنها تفضي إلى النزاع إذا انتهت بوفاة المريض -لا سمح الله- وهذا النوع من حق ولي الأمر أن يتحفظ [1] تقدم تخريجه.