فكون النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأجره وهو على دين كفار قريش ويأمنه على نفسه وعلى أبي بكر رضي الله عنه مع أن السفر يسهل معه إيصال الضرر خاصة وأنه استأجره للدلالة على الطريق المأمون، وائتمنه على سر الهجرة قبل أن يخرج بثلاث ليال كل ذلك يدل دلالة واضحة على جواز معاملة الكافر إذا عرفت منه الأمانة والنصيحة، ولو كانت تلك المعاملة في شيء يتضمن الخطر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "وإذا كان اليهودي أو النصراني خبيرًا بالطب ثقة عند الإنسان جاز له أن يستطبه كما يجوز له أن يودعه المال، وأن يعامله، وقد استأجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً مشركًا لما هاجر، وكان هاديًا خريتًا ماهرًا بالهداية إلى الطريق من مكة إلى المدينة، وائتمنه على نفسه، وماله.
وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلمهم، وكافرهم، وقد روي أن الحارث بن كلدة -وكان كافراً- أمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستطبوه.
وإذا وجد طبيبًا مسلمًا فهو أولى، وأما إن لم يجد إلا كافرًا فله ذلك، وإذا خاطبه بالتي هي أحسنُ كان حسنًا" [1] اهـ.
فبين -رحمه الله- جواز استطباب الطبيب الكافر، وأنه ينبغي مراعاة تقديم الطبيب المسلم عليه من باب الأفضلية، وذلك لأمن ضرره، ولأنه أحق بالنفع من الكافر.
وبين من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على صحة هذا الحكم من كونه ائتمن الكافر على الدلالة في السفر وعمل بخبر خزاعة مسلمهم [1] مختصر الفتاوى المصرية للبعلي 517,516.