المبحث الأول رخص العبادات
لقد كان من نعم الله تبارك وتعالى على هذه الأمة أن يسر لها في الأحكام، وجعل شريعتها شريعة رحمة وتخفيف كما أشار إلى ذلك سبحانه بقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [1]، وقوله جل شأنه: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [2]، وقوله سبحانه مخاطبا نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [3] والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فالشريعة في أصلها مشتملة على اليسر والرحمة، فإذا وجدت في المكلف موجبات التخفيف والرخص خفف الله عنه، ويسر عليه في الحكم أكثر، كما شهدت بذلك النصوص الشرعية، وبيَّنه أهل العلم -رحمهم الله- في كتبهم.
ومن تلك الموجبات، المرض الذي يعوق الإنسان، ويتسبب في حصول مشقة الآلام ومتاعبها، وعلاج هذا الألم قد يستلزم التخفيف أيضًا كالحال في الجراحة الطبية التي يترتب عليها منع المريض من فعل بعض الفرائض، وأركان العبادات حتى تعود الأعضاء والجروح إلى ْوضعها الطبيعي, كل ذلك ليتحقق الشفاء المطلوب من فعل الجراحة [1] سورة البقرة (2) آية 185. [2] سورة النساء (4) آية 28. [3] سورة الأنبياء (21) آية 107.