باعتبارها، وعلى ذلك أجمع أهل العلم -رحمهم الله- [1].
وبناءً على هذا الأصل فإن المرضى وذويهم إذا دعوا ما يوجب مسئولية الأطباء ومساعديهم فإنهم مطالبون بإقامة الدليل الذي يثبت صحة دعواهم إذا أنكر الأطباء ومساعدوهم تلك الدعوى.
ولاشك في أن اعتبار الشريعة الإسلامية للبينة في الدعاوى عمومًا، وفي مسئولية الأطباء خصوصًا فيه دليل واضح على عدلها، وسمو منهجها التشريعي.
ذلك لأنها لم تحكم باعتبار دعوى المرضى ضد الأطباء ومساعديهم على وجه الإطلاق -أي مجردة عن الدليل الذي يوجب ثبوتها-، لما في ذلك من ظلم للأطباء ومساعديهم، الأمر الذي قد يدعوهم إلى ترك مهنهم خوفًا من المسئولية، فتتعرض أرواح الناس وأجسادهم بذلك للهلاك والتلف.
كذلك أيضًا لم تحكم برد دعوى المرضى ضد الأطباء ومساعديهم على وجه الإطلاق -أي مع وجود الدليل الذي يشهد بثبوتها- لما في ذلك من ظلم للمرضى وذويهم فتضيع حقوقهم المشروعة وإضافة إلى ذلك فإن فيه تجرئة المعتدين من الأطباء والمساعدين على اعتدائهم وتقصيرهم وذلك أيضًا موجب الضرر بأرواح الناس وأجسادهم.
لم تحكم الشريعة الغراء بهذا ولا بذاك، ولكنها حكمت بالقصد والعدل الذي يوجب إيصال الحقوق المشروعة لأهلها، كما يوجب سير مهام الجراحة في طريقها المستقيم وبذلك حفظت للناس أرواحهم وحقوقهم من الهلاك والضياع. [1] قال الإمام ابن المنذر -رحمه الله-: وأجمعوا على أن البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه. اهـ. الإجماع لابن المنذر 29.