فإيجاب الضمان على الطبيب الجاهل، فإذا تعاطى علم الطب، وعمله، ولم يتقدم له به معرفة، فقد هجم بجهله على إتلاف النفوس، وأقدم بالتهور على ما لم يعلمه، فيكون قد غرر [1] بالعليل، فيلزمه الضمان لذلك، وهذا إجماع من أهل العلم" [2] اهـ.
فقد بين -رحمه الله- إجماع أهل العلم -رحمهم الله- على تضمين الطبيب الجاهل وهذا يتعلق بالنوع الأول الذي سبقت الإشارة إليه.
أما النوع الثاني وهو الطبيب المتعدي فقد أشار إلى اعتبار مسئوليته وتضمينه بما نقله عن الإمام الخطابي [3] -رحمه الله- بقوله: "قال الخطابى: لا أعلم خلافًا في أن المعالج إذا تعدى، فتلف المريض كان ضامنًا" [4] اهـ.
وكما دل دليل النقل على اعتبار المسئولية الطبية وثبوتها شرعًا في حال الجهل، والتعدي، كذلك دل دليل العقل على مشروعيتها وذلك من الوجوه التالية:
الوجه الأول القياس:
أ- يضمن الطبيب الجاهل ما أتلفته يداه، كما يضمن الجاني [1] غرر: أي خاطر, والغرر الخطر. المصباح المنير للفيومي 2/ 445. [2] الطب النبوي لابن القيم ص 109. [3] هو الإمام أبو سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي البستي ينتهي نسبه إلى زيد بن الخطاب أخي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-, ولد -رحمه الله- ببُسْتَ سنة 319 من الهجرة نبغ -رحمه الله - في الحديث، والفقه، واللغة, والأدب, توفي -رحمه الله- ببُسْتَ سنة 388 من الهجرة، وله مصنفات منها: معالم السنن في شرح سنن أبي داود، وغريب الحديث، أعلام الحديث. معجم المؤلفين عمر كحالة 2/ 61. [4] الطب النبوي لابن القيم ص 109، وممن حكى الإجماع عن تضمين الطبيب الجاهل، ابن رشد الحفيد -رحمه الله- في بداية المجتهد 2/ 418.