ولأنه إذا جاز بتر العضو وإبانته من الجسم عند الحاجة فلأن يجوز رده عند وجودهما أولى وأحرى.
وقد حكى الإمام القرطبي -رحمه الله- عن الإمام الشافعي [1]، وعطاء [2] وسعيد بن المسيب [3] -رحمهم الله- القول بعدم جواز إعادة الأذن المقطوعة، محتجين بأنها صارت نجسة بالانفصال، فلم تجز إعادتها لئلا تؤدي إلى بطلان العبادة [4].
ونص غيرهم من أهل العلم -رحمهم الله- على جواز إعادتها بعد انفصالها [5]. [1] هذا القول المحكي عن الإمام الشافعي نص عليه -رحمه الله- كما أشار إلى ذلك الإمام النووي إلا أنه قال: "ولكن المذهب طهارته وهو الأصح عند الخرسانيين" المجموع للنووي 3/ 139، روضة الطالبين للنووي 9/ 197. [2] هو الإمام أبو محمد عطاء بن أبي رباح أسلم، وقيل سالم بن صفوان المكي، كان من أجلاء فقهاء التابعين بمكة أخذ العلم عن ابن عباس وجابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- وإليه وإلى مجاهد بن جبر انتهت الفتوى بمكة في زمانهما، وكان يصيح الصائح في الحج "لا يفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح" توفي -رحمه الله- سنة 115 من الهجرة وقيل بغيرها. وفيات الأعيان لابن خلكان 2/ 223، 224. [3] هو الإمام أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن القرشي أحد فقهاء المدينة السبعة جمع بين الحديث والفقه والورع، توفي -رحمه الله- بالمدينة سنة 91 من الهجرة وقيل بغيرها. وفيات الأعيان لابن خلكان 2/ 223، 224. [4] تفسير القرطبي 6/ 199، روضة الطالبين للنووي 9/ 197. [5] وهو قول الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-، فقد سئل عن إعادة العضو المقطوع من الجسد؟ فقال: لا بأس أن يعيده إلى مكانه، وذاك أن فيه الروح، مثل الأذن تقطع فيعيدها بطرائها" الروايتين والوجهين لأبي يعلى 1/ 202. وعلى هذه الرواية المذهب عند أصحابه -رحمهم الله-. الإنصاف للمرداوي 1/ 489، شرح منتهى الإرادات للبهوتي 1/ 155، وقد أشار إلى هذه المواضع فضيلة الدكتور/ بكر أبو زيد في بحثه، حكم إعادة ما قطع بحد أو قصاص.