فتبين لنا من هذه العبارات الواردة في كتب الفقهاء -رحمهم الله- على اختلاف مذاهبهم حرمة استعمال الحشيشة وغيرها من المواد المخدرة، إذا أثرت في العقل وأزالته، لأنها في حكم الخمر التي ورد النص الصريح في الكتاب والسنة بتحريمها [1].
وهذا الحكم الذي نص عليه أهل العلم -رحمهم الله- أعني تحريم المخدرات- له دليله من السنة الصحيحة الثابتة عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ففي حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل مسكر حرام" [2].
فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر" عام يشمل كل ما وقع به الإسكار سواء كان شرابًا، أو طعامًا، جامدًا أو مائعًا، والمخدرات مسكرة مزيلة للعقول سواء كانت نباتية أو مصنعة أو نباتية مصنعة.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "واستدل بمطلق قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر حرام" على تحريم ما يسكر ولو لم يكن شرابًا فيدخل في ذلك الحشيشة وغيرها.
وقد جزم النووي وغيره بأنها مسكرة، وجزم آخرون بأنها مخدرة، وهو مكابرة لأنها تحدث بالمشاهدة ما يحدث الخمر من الطرب والنشوة والمداومة عليها والانهماك فيها ... " [3] اهـ. [1] قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة المَائدة (5) آية 90] وفي الصحيح من حديث عبد الله بن عمر رضيَ الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ... كل مسكر حرام". رواه مسلم 3/ 279. [2] رواه مسلم 3/ 279. [3] فتح الباري لابن حجر 10/ 45.