وتكون هذه الحالة في حكم الأولي بناء على ما تقرر عند الفقهاء -رحمهم الله- من أن غالب الظن ملحق باليقين حكمًا [1].
وأما الحالة الثالثة: فإنه ينبغي على الأطباء التوقف عن الإقدام على فعل الجراحة نظرًا لاستواء الاحتمالين في نتيجة التشخيص.
وعليهم أن يبذلوا قصارى جهدهم في الوصول إلى ما يوجب ترجيح أحد الاحتمالين على الآخر ثم العمل بما ترجح منهما.
قال الإمام العز بن عبد السلام -رحمه الله-: "وكما لا يحل الإقدام للمتوقف في الرجحان في المصالح الدينية حتى يظهر له الراجح، فكذلك لا يحل للطبيب الإقدام مع التوقف في الرجحان إلى أن يظهر له الراجح .. " [2] اهـ.
فحكم -رحمه الله- بوجوب توقف الطبيب عن الإقدام على المداواة في حال توقفه عن الرجحان بحيث لم يظهر له ترجيح للمصلحة المترتبة على الفعل وعدمها، وألحق وجوب توقفه في حال استواء الاحتمالين بوجوب التوقف في حال استواء ترتب المصلحة الدينية وعدمه إلى حين وجود المرجح لأحد الطرفين على الآخر.
وبناء على ذلك فإن الحكم في هذه الحالة هو وجوب التوقف إلى أن يظهر رجحان وجود المرض الجراحي على عدم وجوده أو العكس. [1] قال الإمام زين العابدين بن إبراهيم بن نجيم الحنفي -رحمه الله-: "وغالب الظن عندهم ملحق باليقين وهو الذي تبتني عليه الاحكام يعرف ذلك من تصفح كلامهم في الابواب" اهـ. فبين -رحمه الله- أن غلبة الظن ملحقة باليقين حكمًا. انظر الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 73. [2] قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 1/ 6.