يذله الله فلا يكرمه أحد" [1] اهـ.
ولاشك في أن الكفار ممن أذلهم الله تعالى.
وأما أحاديث النهي عن المُثلة: فقد ثبت ما يخصصها كما في قصة العرنيين [2]، وآية المحاربين [3]. فإذا جاز التمثيل لمصلحة عامة وهي زجر الظلمة عن الاعتداء على الناس، فكذلك يجوز التمثيل بالكافر طلبًا لمصلحة عامة ينتظمها الطب الذي من أجله شرحت جثة الكافر، إضافة إلى أن بعض العلماء يرى أن النهي للتنزيه [4]، وحديث تحريم كسر عظم الميت خاص بالمؤمن كما هو منصوص عليه في نفس الحديث.
وأما أحاديث النهي عن الجلوس على القبر فإنها تدل على تأذي الميت بذلك وهذا يتفق مع ما سبق ذكره من تخصيص المسلم بالمنع، وأما الكافر فإن إيذاءه بعد موته مقصود شرعًا، فلا حرج في فعله.
رابعًا: أن استدلال القائلين بجواز التشريح مطلقًا بقياسه على نبش قبر الميت لأخذ الكفن المغصوب مردود بكونه قياسًا مع الفارق.
= والحدائق في تهذيب سيرة خير الخلائق. معجم المؤلفين لكحالة 7/ 177، 178. [1] تفسير الخازن 4/ 7. [2] وفيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "قطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة حتى ماتوا" رواه مسلم 3/ 93، 94. [3] قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} سورة المائدة (5) آية 33. [4] قال الإمام النووي -رحمه الله-: "وقال بعضهم: النهي عن المثله نهي تنزيه ليس بحرام" اهـ. شرح صحيح مسلم للنووي 11/ 154.