تَولى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الفَسَادَ} [1]. فلا يجوز له فعله.
ومن ثم قال الإمام البغوي [2] -رحمه الله-: "والعلاج إذا كان فيه الخطر العظيم كان محظورًا" [3] اهـ.
ويعتبر الطبيب الجراح هو المرجع في الحكم بغلبة الظن بسلامة المريض من أخطار الجراحة أو عدمها.
فهو الذي يقوم بالنظر في نوعية الجراحة المقررة، ودرجة خطورتها، وقدرة تحمل المريض لأخطارها ثم بعد ذلك يحكم بما يؤديه إليه نظره واجتهاده.
وإنما اعتبر الشرع غلبة الظن بسلامة المريض لأنها في حكم اليقين فالشيء الغالب كالمحقق حكمًا، ومن ثم فإنه لا ينبغي للطبيب الجراح أن يلتفت إلى النسبة الضعيفة التي تقابل النسبة الراجحة، لأنها لا تقوى على معارضتها فلا يلتفت إليها، ولو ذهبنا نعتبر هذه النسب الضعيفة لتعطلت مصالح الدارين، ولما أمكننا درء مفاسدهما كما قرر ذلك الإمام العز بن عبد السلام -رحمه الله- في قواعده [4]. [1] سورة البقرة (2) آية 205. [2] هو: الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد البغوي الشافعي يعرف بابن الفراء، كان إمامًا في التفسير، والحديث، والفقه، توفي -رحمه الله- سنة 516 هجرية. وله مصنفات منها: معالم التنزيل في التفسير، وشرح السنة، والجمع بين الصحيحين. طبقات المفسرين للسيوطي ص 12، 13. [3] شرح السنة للبغوي 12/ 147. [4] قال الإمام العز بن عبد السلام -رحمه الله- في قواعده: "الاعتماد في جلب مصالح الدارين، ودرء مفاسدهما على ما يظهر في الظنون .. فكذلك أهل الدنيا =