ومعرفة، لأنه إذا لم يكن كذلك لم يحل له مباشرة القطع، وإذا قطع مع هذا كان فعله محرمًا فيضمن سرايته كالقطع ابتداء ... " [1] اهـ.
فنص -رحمه الله- على اشتراط البصيرة والمعرفة في الطبيب الجراح، وأنه إذا لم تكن متوفرة فيه فإن فعله يعتبر محرمًا شرعًا وإنه يأخذ حكم القطع على وجه الجناية، فيجب عليه ضمان سرايته.
وقال الشيخ برهان الدين إبراهيم بن مفلح [2] -رحمه الله- في معرض بيانه لمسألة تضمين الطبيب: " .. واقتضى ذلك أنهم إذا لم يكن لهم حذق في الصنعة أنهم يضمنون، لأنه لا تحل لهم مباشرة القطع، فإذا قطع فقد فعل محرمًا، فيضمن سرايته" [3] اهـ.
فأكد -رحمه الله- ما تقدم من اعتبار شرط العلم والمعرفة، والحكم بإثم الفاعل للجراحة التي يجهلها.
كما أكد اعتبار شرط العلم للحكم بجواز فعل الجراحة الشيخ أحمد بن زرّوق -رحمه الله- بقوله: "وأما الفصد، والكي، فلا خلاف في جوازهما بشرط معرفة الفاعل" [4] اهـ.
ومن هذا يتبين لنا أنه لا يجوز للطبيب أن يقدم على فعل الجراحة [1] المغني لابن قدامة 5/ 538. [2] هو: الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن مفلح الحنبلي، ولد -رحمه الله- سنة 815 هجرية، وكان فقيهًا أصوليًا نابغًا في عصره، توفي -رحمه الله- بدمشق سنة 884 هجرية، وله مؤلفات منها: الآداب الشرعية، والمبدع، والمقصد الأرشد. شذرات الذهب لابن العماد 7/ 338، 339، ومعجم المؤلفين لعمر كحالة 1/ 100. [3] المبدع لابن مفلح 5/ 110. [4] شرح الرسالة لزرّوق 2/ 409.