المطلب الثاني أن يكون المريض محتاجًا إلى الجراحة
مما يشترط لجواز الجراحة الطبية أن يكون المريض محتاجاً إليها، سواء كانت حاجته إليها ضرورية بأن خاف على نفسه الهلاك، أو تلف عضو أو أعضاء من جسده، أو كانت حاجته دون ذلك بأن بلغت مقام الحاجيات التي يلحقه فيها الضرر بسبب آلام الأمراض الجراحية ومتاعبها.
وهذا الشرط مبني على أن الأصل حرمة فعل الجرح بدون موجب شرعي، فإذا بلغ الإنسان بسبب الأمراض الجراحية مقام الاضطرار، والحاجة فإن الشرع يأذن له حينئذ بفعلها دفعًا لذلك الضرر، وتلك المشقة التي يعانيها.
وقد أشار بعض الفقهاء المتقدمين -رحمهم الله- إلى اعتبار هذا الشرط، وأن وجوده يعتبر بمثابة الإذن الشرعي بفعل الجراحة الطبية، يقول الشيخ موسى الحجاوي [1] رحمه الله: "ويصح استئجاره لحلق شعر، وتقصيره ولختان، وقطع شيء من جسده للحاجة إليه، ومع عدمها يحرم، ولا يصح" [2] اهـ. [1] هو: الإمام موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي المقدسي الحنبلي، فقيه، أصولي، محدث، أفتى بدمشق وتوفي بها عام 968 هجرية، وله مصنفات منها: الإقناع لطالب الانتفاع، وشرح المفردات، وشرح منظومة الآداب لابن مفلح. معجم المؤلفين عمر رضا كحالة 3/ 34، 35. [2] الإقناع للحجاوي 2/ 302.