الأمر الثامن: إذا قلَّت الأكفان وكثر الموتى جاز تكفين الجماعة منهم في الكفن الواحد، ويقدم أكثرهم قرآناً إلى القبلة؛ لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ((أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حمزة يوم أحد، فوقف عليه، فرآه قد مُثِّل به، فقال: ((لولا أن تجدَ صفية في نفسها لتركته حتى تأكله العافية، حتى يحشر يوم القيامة في بطونها)). قال: ثم دعا بنمرة فكفنه فيها، فكانت إذا مُدَّت على رأسه بدت رجلاه، وإذا مُدَّت على رجليه بدا رأسه، قال: فكثر القتلى وقلَّت الثياب، قال: فكُفِّن الرجل والرجلان والثلاثة في الثوب الواحد، ثم يدفنون في قبر واحد، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل عنهم؛ أيهم أكثر قرآناً فيقدِّمه إلى القبلة، قال: فدفنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يصلِّ عليهم)) [1].وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن معنى الحديث أنه كان يقسم الثوب الواحد بين الجماعة فيكفن كل واحد في بعضه للضرورة، وإن لم يستر إلا بعض بدنه، يدل عليه تمام الحديث أنه كان يسأل عن أكثرهم قرآناً فيقدِّمه في اللحد، فلو أنهم في ثوب واحد جملة لسأل عن أفضلهم قبل ذلك كيلا يؤدي إلى نقض التكفين وإعادته)) [2]. الأمر التاسع: إحسان الكفن؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا كفّن أحدكم أخاه فليحسن كفنه)) [3]؛ ولحديث أبي [1] الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في قتلى أحد، وذكر حمزة، برقم 1016، وأبو داود، كتاب الجنائز، باب في الشهيد يغسل، برقم 3136، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي،
2/ 517، وفي أحكام الجنائز، ص79، وفي صحيح سنن أبي داود، 2/ 284. [2] نقلاً عن عون المعبود، للعظيم آبادي، 8/ 411، وانظر: أحكام الجنائز للألباني، ص79، والإنصاف مع الشرح الكبير والمقنع، 6/ 118. [3] مسلم، برقم 943، وتقدم تخريجه في إسباغ الكفن.