الخامس عشر: تكفين الميت
يراعى في تكفين الميت الأمور الآتية:
الأمر الأول: حكم تكفين الميت المسلم، فرض كفاية، إذا فعله من فيه كفاية سقط الحرج والإثم عن الباقين، وإن تركوه كلهم أثموا كلهم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة الرجل الذي وقصته راحلته؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: ((اغسلوه بماء وسدر، وكفّنوه في ثوبيه)) [1]، وهذا أمر والأصل في الأمر الوجوب.
الأمر الثاني: معرفة الفضل والأجر العظيم لمن تولَّى تكفين الميت المسلم؛ لحديث أبي رافع، وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( ... ومن كفَّن ميتاً كساه الله من سندس وإستبرق الجنة ... )) [2].
الأمر الثالث: الكفن أو ثمنه من مال الميت؛ لحديث ابن عباس
رضي الله عنهما، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في المحرم: ((اغسلوه بماء وسدر، وكفّنوه في ثوبيه)) [3]؛ ولحديث خباب - رضي الله عنه - في قصة مصعب بن عمير - رضي الله عنه - وأنه
كفن في نمرة له، وفي لفظ: بردة [4]، ولكن لو تبرع أحد بكفنه فلا بأس [1] متفق عليه: البخاري، برقم 1265، ومسلم، برقم 1206، وتقدم تخريجه. [2] البيهقي، 3/ 395، والحاكم، 1/ 354، وتقدم تخريجه في الأمر الرابع من أمور الغسل. [3] متفق عليه: البخاري، برقم 1265، ومسلم، برقم 1206، وتقدم تخريجه. [4] قال خباب - رضي الله عنه -: ((هاجرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبيل الله، نبتغي وجه الله، فوجب أجرنا على الله، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئاً، منهم مصعب بن عمير، قتل يوم أحد، فلم يوجد له شيء، (وفي رواية: ولم يترك) إلا نمرة، فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ضعوها مما يلي رأسه (وفي رواية: غطوا بها رأسه)، واجعلوا على رجليه الإذخر، [بكسر الهمزة والخاء: حشيش معروف طيب الرائحة]، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها))، أي: يجتنيها.
أخرجه البخاري (3/ 110)، برقم 4047، ومسلم (3/ 48) برقم 940، قال الألباني: ((والسياق له، وابن الجارود في ((المنتقى)) (260)، والترمذي (4/ 357)، وصححه النسائي
(1/ 269)، والبيهقي (3/ 110)، وأحمد (6/ 395)، والرواية الثانية له وللترمذي. وروى منه أبو داود (2/ 14، 62) قوله في مصعب: ((قتل يوم أحد ... )) والرواية الثالثة له، وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف أخرجه البخاري)).