تعالى عن فضله وكرمه، وامتنانه، ولطفه بخلقه، وإحسانه: أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذريتهم في الإيمان يُلحقهم بآبائهم في المنزلة وإن لم يبلغوا عملهم؛ لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته، للتساوي بينه وبين ذلك)) [1]. وهذا فضله تعالى على الأولاد ببركة عمل الآباء، وأما فضله على الآباء ببركة دعاء الأولاد فثبت في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أنَّى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك)) [2]، قال العلامة السعدي رحمه الله: ((وهذا من تمام نعيم أهل الجنة أن ألحق الله بهم ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان: أي الذين لحقوهم بالإيمان الصادر من آبائهم فصارت الذرية تبعاً لهم بالإيمان، ومن باب أولى إذا تبعتهم ذريتهم بإيمانهم الصادر منهم أنفسهم، فهؤلاء المذكورون يُلحقهم الله بمنازل آبائهم في الجنة وإن لم يبلغوها جزاء لآبائهم وزيادة في ثوابهم، ومع ذلك لا ينقص الله الآباء من أعمالهم شيئاً)) [3].وهذا هو الفوز العظيم.
نسأل الله تعالى أن يجمعنا في الفردوس الأعلى مع آبائنا، وذرياتنا، وأزواجنا، وجميع أهلينا، وأحبابنا إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
ولاشك أن من فارق ذريته وأهله، وأحبابه في الآخرة فقد خسر [1] تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ص1268، 4/ 243. [2] أخرجه أحمد في المسند، 2/ 209، قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره: ((إسناده صحيح)). [3] تيسير الكريم الرحمن، للعلامة السعدي، ص815، وانظر: تفسير الطبري، 22/ 467 - 470، وتفسير البغوي، 4/ 238.