ذكر هاذِم اللذات، فما ذكره عبد قط وهو في ضيقٍ إلا وسَّعه عليه، ولا ذكره وهو في سعةٍ إلا ضيقه عليه)) [1]، وفي لفظ لابن حبان أيضاً: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول: ((أكثروا من ذكر هاذِم اللذات)) [2]، فالموت يقطع اللذات ويزيلها، والحديث دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يغفل عن ذكر أعظم المواعظ وهو الموت، قال الإمام الصنعاني: ((وقد ذكر في آخر الحديث فائدة الذكر بقوله: ((فإنكم لا تذكرونه في كثير إلا قلَّلهُ، وقليل إلا كثَّره)) [3].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل من الأنصار فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: يا رسول الله! أي المؤمنين أفضل؟ قال: ((أحسنهم خُلُقاً)) قال: فأي المؤمنين أكيس [4]؟ قال: ((أكثرهم للموت ذكراً، وأحسنهم لما بعده استعداداً، أولئك الأكياس)) [5]. [1] صحيح ابن حبان، برقم 2993، وحسنه الألباني في إرواء الغليل، 3/ 145. [2] صحيح ابن حبان، برقم 2995 وحسنه شعيب الأرنؤوط. [3] سبل السلام للصنعاني، 3/ 302، وهذا الخبر أخرجه الطبراني في الأوسط بلفظ: ((أكثروا ذكر هاذم اللذات – يعني الموت – فإنه ما كان في كثير إلا قلله، ولا قليل إلا جزأه)) [مجمع البحرين، 8/ 206، برقم 5076]، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 10/ 309: ((إسناده حسن))، وذكر الصنعاني هنا آثاراً منها: ((أكثروا ذكر الموت فما من عبد أكثر ذكره إلا أحيا الله قلبه وهوَّن عليه الموت)) [ذكره الديلمي في مسند الفردوس، 1/ 74، برقم 218]. [4] أكيس: أعقل. ومثله: الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت: أي العاقل. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، 4/ 217. [5] ابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له، برقم 4259، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 1384.