إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياء وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد، قال عبد الملك: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن [1].
والأحاديث تؤكد على أن دعوة المظلوم مستجابة حتى ولو كان فاجراً فاسقاً، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه)) [2].
وقد ذكر الإمام ابن عبر البر - رحمه الله - آثاراً كثيرة عن السلف الصالح يحذرون فيها من الظلم ويبينون فيها استجابة دعوة المظلوم، ثم قال - رحمه الله -: ولقد أحسن القائل:
نامت جفونك والمظلوم منتبه ... يدعو عليك وعين الله لم تنم (3)
والظلم في الحقيقة: وضع الأشياء في غير مواضعها [4]، وهو على قسمين:
القسم الأول: ظلم النفس، وهو نوعان: النوع الأول: ظلم النفس بالشرك الذي لا يغفره الله إذا مات العبد [1] متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر، وما يجهر فيه وما يخافت، 1/ 206، برقم 755، واللفظ والقصة له، ومسلم بنحوه، كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، 1/ 334، برقم 453. [2] أحمد في المسند، 2/ 367، وابن أبي شيبة في المصنف، 10/ 275، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، 3/ 360: ((وإسناده حسن))، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 2/ 407، برقم 767.
(3) الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار، 27/ 438. [4] انظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب، 2/ 35.