نام کتاب : الجامع لأحكام الصلاة نویسنده : عادل بن سعد جلد : 1 صفحه : 61
فإن كان مرورًا به فإنه يجوز ذلك للجنب والحائض على الراجح من أقوال أهل العلم، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43].
والمراد بالصلاة: أماكنها وهي المساجد، والمعنى: لا تقربوا المصلّى للصلاة وأنتم سكارى .. ولا تقربوه جنبًا حتى تغتسلوا {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} أي: مجتازين للخروج منه، وقد روي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس بأسانيد فيها مقال، وثبت هذا التفسير عن جماعة من التابعين كسعيد بن المسيب، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي [1]. وذهب إلى هذا التفسير الشافعي، كما في كتابه "الأم" ونقله عنه ابن المنذر [2].
ورجحه ابن جرير وابن كثير وقال: وهو الظاهر من الآية. ومال إليه القرطبي والشوكاني في تفسيرهما [3]، قالوا: ولا يراد بالآية: الصلاة، وبقوله: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} المسافر؛ لأن التيمم لا يخص المسافر، ولأنه بين حكم المسافر في آخر الآية {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن النهي في الآية عن قربان الصلاة وعن قربان موضعها [4].
وأما الحائض فقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لها: "ناوليني الخُمرة من المسجد"، قالت: إني حائض، قال: "إن حيضتك ليست في يدك" [5].
فهذا يدل على جواز مرور الحائض في المسجد وأنها ليست نجسة، ولكن النجس منها هو موضع الدم وهو الفرج؛ لأن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمرها أن تأتيه بالخمرة من المسجد. والخُمرة: بضم الخاء: حصير صغير.
وأما لبث الجنب في المسجد فلا يجوز، على الراجح من أقوال أهل العلم، استدلالًا بالآية السابقة، وأخذًا بحديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" [6].
لكن إن توضأ الجنب جاز له اللبث على ما قال الإمام أحمد. واختاره ابن تيمية [7] لما روى حنبل بن إسحاق عن أبي نعيم، عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: كان أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتحدثون في المسجد على غير رضوء، وكان الرجل يكون جنبًا فيتوضأ، ثم يدخل المسجد فيتحدث [8]. [1] تفسير ابن جرير (8/ 379 - 384). [2] الأم (1/ 70، 71)، الأوسط لابن المنذر (2/ 108). [3] تفسير ابن كثير (2/ 275)، تفسير القرطبي (5/ 207)، فتح القدير (1/ 469). [4] الفتاوى الكبرى (1/ 126). [5] أخرجه مسلم (298)، وأخرجه بلفظ آخر (299). [6] أخرجه أبو داود (232)، وابن خزيمة (1327)، وهو حديث مختلف في تصحيحه، فقد صححه ابن خزيمة، وحسنه ابن القطان في "الوهم والغيهام" (5/ 332)، والزيلعي في "نصب الراية" (1/ 194)، كما صححه الشوكاني في "نيل الأوطار" (1/ 270)، وقال الشيخ عبد العزيز بن باز: لا بأس بإسناده.
وضعفه البيهقي في سننه (2/ 443)، وقال عبد الحق: لا يثبت، وبالغ ابن حزم فقال في "المحلى" (2/ 186): إنه باطل. [7] الفتاوى (21/ 344، 345). [8] ذكره ابن كثير في تفسيره (2/ 275)، وذكره المجد في المنتقى (1/ 399)، وقال ابن كثير: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم. اهـ. وهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات، سوى هشام بن سعد. فقد قال عنه الحافظ في "التقريب": صدوق له أوهام. اهـ. لكن نقل الحافظ في تهذيبه (11/ 37)، أن الآجري روى عن أبي داود أنه قال: أثبت الناس في زيد بن أسلم هشام بن سعد. اهـ.
نام کتاب : الجامع لأحكام الصلاة نویسنده : عادل بن سعد جلد : 1 صفحه : 61