مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قال: ((هو الجعرور [1] ولون حبيقٍ [2]، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن تؤخذ في الصدقة: الرُّذالة)) [3].
وعن عوف بن مالك - رضي الله عنه -، قال: دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد وبيده عصاً وقد علّق رجل قِنْوَ حشفٍ فجعل يطعن بالعصا في ذلك القِنوِ، وقال: ((لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب منها)) وقال: ((إن ربَّ هذه الصدقة يأكل حشفاً يوم القيامة)) [4].
الحادي عشر: زكاة العسل المحمي والمتخذ للتجارة ([5])؛ [1] الجعرور: نوع من الدقل رديء التمر، يحمل رطباً صغاراً لا خير فيه. النهاية في غريب الحديث. [2] الحبيق: نوع من أنواع التمر الرديء منسوب إلى ابن حبيق، وهو رجل. [النهاية في غريب الحديث]. [3] النسائي، كتاب الزكاة، باب قوله - عز وجل -: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}، برقم 2492، وأبو داود، كتاب الزكاة، باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة، برقم 1607، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/ 446. [4] النسائي، كتاب الزكاة، باب قوله - عز وجل -: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}، برقم 2492، وأبو داود، كتاب الزكاة، باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة، برقم 1608، وابن ماجه، كتاب الزكاة، باب النهي أن يخرج في الصدقة شر ماله، برقم 1486 - 1848، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 447. [5] اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في زكاة العسل على أقوال: [1] - مذهب أحمد أن في العسل العشر، ويروى هذا القول أيضاً عن عمر بن عبد العزيز، ومكحول، والزهري، وسليمان ابن موسى، والأوزاعي، وإسحاق، واستدلوا بحديث عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده. [2] - وقال مالك، والشافعي، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، وابن المنذر: لا زكاة فيه؛ لأنه مائع خارج من حيوان أشبه اللبن، قال ابن المنذر: ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يثبت ولا إجماع فلا زكاة فيه [وقال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه، قبل الحديث رقم 1483: ولم ير عمر ابن عبد العزيز في العسل شيئاً]. [3] - قال أبو حنيفة: إن كان في أرض العشر ففيه الزكاة وإلا فلا زكاة فيه ... وقول أبي حنيفة ينبني على أن العشر والخراج لا يجتمعان، وتقدم أن الصواب: اجتماع العشر والخراج [انظر: المغني لابن قدامة، 4/ 183].
وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول أثناء تقريره على صحيح البخاري، 3/ 347:
((والعسل ليس مما ينضح ولا يسقى وإنما هو من النحل، والراجح أنه ليس فيه زكاة إلا إذا كان للتجارة ففيه الزكاة: زكاة عروض التجارة)) وكذلك سمعته يقول أثناء تقريره على منتقى الأخبار لأبي البركات ابن تيمية أثناء تقريره على الأحاديث 2009 - 2012: ((وقد اختلف العلماء في زكاة العسل على قولين: [القول الأول] جزم البخاري رحمه الله وابن المنذر أنه لا يصح في زكاته شيء.
[القول الثاني] وقال آخرون يصح به الحديث وأنه فيه الزكاة كما في الذي ليس له مؤنة من المزارع التي لا تسقى ... )).
ورجح رحمه الله أن العسل لا تجب فيه الزكاة إلا إذا كان من عروض التجارة، ولكن لو أدوا الزكاة حُمي لهم، وإلا فلا. لكن لو أدَّى العشر كان أحوط، وقبل منه من كل عشر قرب قربة، وإن لم يؤدِّ فلا زكاة عليه. [وانظر أيضاً زاد المعاد لابن القيم، 2/ 12 - 16].