الصدقة الأولى: إنفاق ماله في إعتاق الرقاب:
أعتق - رضي الله عنه - رقاباً كثيرة، حُفِظَ منها سبع رقاب: بلال، وعامر بن فهيرة، وزنيرة، والهندية, وبنتها، وكانتا لامرأة من بني عبد الدار، وجارية بني مؤمل، وأم عبيس، رضي الله عن الجميع.
وقد كانت هذه الرقاب يُعذّب معظمها على إسلامها، فأنقذها الله بأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - , وأخذ - رضي الله عنه - ينفق أمواله في خدمة الإسلام والمسلمين [1].
الصدقة الثانية: إنفاق جميع ماله في الهجرة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
حمل الباقي من ماله عندما هاجر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، ولم يبق لأهله
شيئاً، فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرج أبو بكر معه، احتمل أبو بكر معه ماله كله، خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف درهم، فانطلق بها معه، قالت: فدخل علينا جدي أبو قحافة، وقد ذهب بصره، فقال: والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه، قالت: قلت: كلا يا أبت، قد ترك لنا خيراً كثيراً، قالت: فأخذت أحجاراً فجعلتها في كوة [2] في البيت - كان أبي يجعل فيها ماله - ثم جعلت عليها ثوباً، ثم أخذت بيده فقلت: ضع يا أبت يدك على هذا المال، قالت: فوضع يده عليه، فقال: لا بأس، إن ترك لكم هذا فقد أحسن، وفي هذا لكم بلاغ، قالت: ولا والله ما ترك لنا شيئاً، ولكن أردت أن أسكِّن الشيخ بذلك)) [3]. [1] انظر: سيرة ابن هشام، 1/ 340، والإصابة في تمييز الصحابة، 2/ 243، والكامل في التاريخ لابن الأثير، 2/ 290، والبداية والنهاية، 3/ 58، وتاريخ الخلفاء للسيوطي، ص 38. [2] الكوة: ثقب في الحائط. انظر: القاموس المحيط، باب الواو, فصل الكاف، ص 1713. [3] أخرجه أحمد، 6/ 350، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 6/ 59: ((ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع))، وعزاه للطبراني أيضاً، وانظر أيضاً: البداية والنهاية،
3/ 179، وتاريخ الخلفاء للإمام السيوطي، ص 39، وحياة الصحابة للكاندهلوي، 2/ 164.