قلت: ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق مكحول، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قيل: يا رسول الله، متى يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: «إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني إسرائيل قبلكم» قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «إذا ظهر الإدهان في خياركم، والفاحشة في شراركم، وتحول الفقه في صغاركم ورذالكم».
قال الحافظ ابن حجر: وفي مصنف قاسم بن أصبغ بسند صحيح عن عمر - رضي الله عنه -: فساد الدين إذا جاء العلم من قبل الصغير استعصى عليه الكبير، وصلاح الناس إذا جاء العلم من قبل الكبير تابعه عليه الصغير.
وذكر أبو عبيد أن المراد بالصغر في هذا صغر القدر لا السن، والله أعلم. انتهى.
قلت: بل كلاهما مراد لما روى الإمام أحمد والحاكم من حديث أنس - رضي الله عنه - مرفوعا: «إذا كانت الفاحشة في كباركم، والملك في صغاركم، والعلم في مُرَّادكم، والمداهنة في خياركم» الحديث، فقوله: «في مُرَّادكم» واضح في صغر السن، وقوله: «في رذالكم» واضح في صغر القدر، وقد يطلق وصف الأمرد على من يحلق لحيته ويشتبه بالنساء والمردان أخذا مما ذكره أئمة اللغة؛ قال الجوهري: تمريد الغصن تجريده من الورق، وقال الراغب الأصفهاني: من قولهم شجر أمرد؛ إذا تعرى من الورق، ومنه الأمرد لتجرده عن الشعر. انتهى.
وحلق الشعر من اللحية قريب في المعنى من تمريد الغصن وتعري