فصل
وأما القسم الثالث: وهم أهل السنة والجماعة؛ الذين سلموا من نجاسة الشرك وأدران البدع، فهؤلاء هم أهل الإسلام الحقيقي، وهم الجماعة والسواد الأعظم، وهم أولى الناس باسم الإسلام؛ لأنهم آثروا اتباع الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة وأئمتها، ولم يلتفتوا إلى ما خالف ذلك من زخارف الأئمة المضلين.
وهم على طبقتين:
الطبقة الأولى: المتقون الذين سلموا من فتنة الشبهات وفتنة الشهوات المحرمة، وصبروا على دينهم، وهؤلاء هم الغرباء حقا، الذين جاءت الأحاديث بغبطتهم، والثناء عليهم، ووعدهم بالحسنى وجزيل الثواب، كما تقدم ذكر ذلك، وما أقلهم في هذه الأزمان التي من تمسك فيها بدينه كان كالقابض على الجمر.
الطبقة الثانية: العصاة الذين سلموا من فتنة الشبهات ولكنهم تلوثوا بفتن الشهوات المحرمة، مِن ترك مأمور، وإتيان محظور، فهؤلاء {مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
وأهل الطبقة الأولى غرباء في أهل هذه الطبقة، كما أن الطبقتين غرباء في طوائف البدع، والجميع غرباء في سائر فرق الكفر والضلال.