إبليس لعنه الله تعالى، حين خالف ما أمره الله به من السجود لآدم، وعارض الأمر الشرعي بما أداه إليه عقله الفاسد، فقال: {قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 33]، وقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [ص: 76]، وقد تعارض عنده النص وعقله، فقدم العقل على النص، وأبى عن السجود لآدم، واستكبر وكان من الكافرين.
ولم يزل أعداء النصوص يقتبسون من هذا العقل الفاسد إلى زماننا هذا، ويسمون ميراثهم من شيخهم القديم حرية الفكر، يعنون أن الفكر مطلق فيما يراه، ولا يتقيد بشرع ولا غيره، هذا ما يراه زنادقة هذه الأزمان، مثل صاحب الأغلال وأشباهه من الملاحدة والمنافقين، وقد جرى صاحب الأغلال في ميدان المعارضة بين الشرع وبين العقل الفاسد أمدا بعيدا، زلت فيه إلى الحضيض قدمه، وهوى منتكسا على أم رأسه، عافانا الله وإخواننا المسلمين مما ابتلاه به وابتلى به إخوانه من المرتدين والمنافقين المعارضين للنصوص الثابتة بعقولهم الفاسدة تقليدا منهم لشيخهم القديم الملعون، ولتلامذته من طواغيت الإفرنج وأشباههم من الضُّلاَّل، قاتل الله الجميع أنى يُفكون.
ثم إنه بعد عصر شيخ الإسلام أبي العباس وأصحابه رحمهم الله تعالى كثر الشرك وعبادة القبور، وأنواع البدع المضلة، وظهر ذلك وانتشر في جميع الأقطار الإسلامية، وعمت الفتنة بذلك وطمت، ودخل فيها الخواص والعوام إلا من شاء الله تعالى وهم الأقلون، وما زال الشر يزداد ويكثر أهله، والخير ينقص ويقل أهله، حتى ضعف الإسلام جدا، وكاد أن