قال أبو السعادات ابن الأثير: محدثات الأمور جمع محدثة -بالفتح- وهي ما لم يكن معروفا في كتاب ولا سنة ولا إجماع. انتهى.
وقد ذكرنا أن حدوث الإرجاء كان في آخر عصر الصحابة رضوان الله عليهم، وما زال ينتشر في المسلمين، ويكثر القائلون به إلى زماننا هذا الذي اشتدت فيه غربة الدين، وصار أهل السنة في غاية الغربة بين أهل البدع والضلالة والجهالات، وعاد المعروف بين الأكثرين منكرا، والمنكر معروفا، والسنة بدعة، والبدعة سنة، وصارت أقوال السلف في باب الإيمان مهجورة، لا يعتني بها إلا الأقلون، وأما الأكثرون فهم عنها معرضون، لا يعرفونها، ولا يرفعون بها رأسا، وإنما المعروف عندهم ما رآه المبتدعون الضالون، المخالفون للكتاب والسنة والإجماع من أن الإيمان هو التصديق الجازم لا غير، فهذا هو الذي يُعتنى بتعلمه وتعليمه في أكثر الأقطار الإسلامية، فما أشدها على الإسلام وأهله من بلية، وما أعظمها من مصيبة ورزية، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فهذا زمان الصبر من لك بالتي ... كقبض على جمر فتنجو من البلا
وبالجملة فالأمر في هذه الأزمان كما قال محمد بن إسماعيل الصنعاني رحمه الله تعالى:
طغى الماء من بحر ابتداع على الورى ... فلم ينج منه مركب وركاب
أسائل من دار الأراضي سياحة ... عسى بلدة فيها هدى وصواب
فيخبر كل عن قبائح ما رأى ... وليس لأهليها يكون متاب