وسمع رجل أبا الدرداء يتعوذ من النفاق في صلاته، فلما سلم قال له: ما شأنك وشأن النفاق؟! فقال: اللهم اغفر لي -ثلاثا- لا تأمن البلاء، والله إن الرجل ليفتن في ساعة واحدة فينقلب عن دينه.
وعنه - رضي الله عنه - أنه قال: ما الإيمان إلا كقميص أحدكم، يخلعه ويلبسه أخرى، والله ما أمن عبد على إيمانه إلا سلبه فوجد فقده. رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب "السنة".
وفي صحيح البخاري عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما-: إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كانوا يومئذ يسرون، واليوم يجهرون.
وفيه أيضا عنه - رضي الله عنه - قال: إنما كان النفاق على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان.
قلت: إذا كان هذا قول حذيفة - رضي الله عنه - في زمن الخلفاء الراشدين، ووقت عزة الإسلام وظهوره، وانقماع المنافقين وذلهم بين المؤمنين، فكيف لو رأى حال الأكثرين في أواخر القرن الرابع عشر، فقد تغيرت فيه الأحوال وانعكست الأمور، وظهر الكفر والنفاق، حتى كان بعض ذلك يُدرس في المدارس ويعتنى به، فالله المستعان.
فمن ذلك ما فشا في زماننا؛ من موافقة طواغيت الإفرنج، وزنادقة المنجمين ونحوهم، وتقليدهم فيما ذهبوا إليه من التخرصات، والظنون الكاذبة المخالفة للقرآن والأحاديث الصحيحة؛ كقولهم: إن الشمس قارة ساكنة لا تزول عن مكانها، وإن الأرض هي التي تجري وتدور حول