وكثير من المتحاكمين إليها يعتذرون بما كان يعتذر به سلفهم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كما أخبر الله تعالى عنهم بذلك في قوله: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} أي يقولون: ما أردنا بالتحاكم إلى أعداء الرسول إلا المداراة والمصانعة، لا اعتقاد صحة حكمهم. وهكذا يقول كثير من المتحاكمين إلى المحاكم المؤسسة على العمل بالنظامات والقوانين الخاطئة، تشابهت قلوبهم، فالله المستعان.
وأقبح من فعل المنافقين ما يُذكر عن بعض أهل زماننا أنهم قالوا: إن العمل بالشريعة المحمدية يؤخرهم عن اللحاق بأمم الإفرنج وأضرابهم من أعداء الله تعالى، وهذه ردة صريحة قيض الله لأهلها من يعاملهم معاملة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - لإخوانهم من قبل.
ومن النفاق الأكبر أيضا الاستهزاء بالله وآياته ورسوله، ولو كان على وجه المزح واللعب، قال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65 - 66]، وقد وقع في هذا كثير من الملاحدة في زماننا؛ كصاحب الأغلال وأمثاله من المرتدين المنافقين، ومثل ذلك الاستهزاء ببعض أمور الدين كما يقع ذلك من كثير من الجهال، ويلتحق بذلك أيضا الاستهزاء بأهل الدين والسخرية بهم كما يفعله كثير من السفهاء، وقد أنزل الله تعالى سورة براءة؛ فكشف فيها أسرار المنافقين، وهتك أستارهم وفضحهم، وأخزاهم في الحياة الدنيا، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون، قال الله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ