قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه: من النفاق ما هو أكبر؛ يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار؛ كنفاق عبد الله بن أُبي وغيره، بأن يظهر تكذيب الرسول، أو جحود بعض ما جاء به، أو بغضه، أو عدم اعتقاد وجوب اتباعه، أو المسرة بانخفاض دينه، أو المساءة بظهور دينه، ونحو ذلك مما لا يكون صاحبه إلا عدوا لله ورسوله.
وهذا القدر كان موجودا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما زال بعده، بل هو بعده أكثر منه على عهده؛ لكون موجبات الإيمان على عهده أقوى، فإذا كانت مع قوتها وكان النفاق موجودا، فوجوده فيما دون ذلك أولى، وفي المنتسبين إلى الإسلام من عامة الطوائف منافقون كثيرون في الخاصة والعامة، ويسمون الزنادقة، وهؤلاء يكثرون في المتفلسفة من المنجمين ونحوهم؛ ثم في الأطباء، ثم في الكُتَّاب أقل من ذلك، ويوجدون في المتصوفة، والمتفقهة، وفي المقاتلة، والأمراء، وفي العامة أيضا، ولكن يوجدون كثيرا في نحل أهل البدع لا سيما الرافضة، ففيهم من الزنادقة والمنافقين ما ليس في أحد من أهل النحل، ولهذا كانت الخرمية، والباطنية، والقرامطة، والإسماعيلية، والنصيرية، ونحوهم من المنافقين الزنادقة منتسبة إلى الرافضة.
وهؤلاء المنافقون في هذه الأوقات، لكثير منهم ميل إلى دولة هؤلاء التتار؛ لكونهم لا يُلزمونهم شريعة الإسلام، بل يتركونهم وما هم عليه، وبعضهم إنما ينفرون عن التتار لفساد سيرتهم في الدنيا، واستيلائهم على الأموال، واجترائهم على الدماء والسبي، لا لأجل الدين، فهذا ضرب النفاق الأكبر.
وأما النفاق الأصغر فهو النفاق في الأعمال ونحوها؛ مثل أن يكذب إذا