وروى الإمام أحمد أيضا، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك صلاة العصر متعمدا حتى تفوته فقد أحبط عمله».
ووجه الاستدلال به أنه لا يحبط إلا عمل الكافر، كما أخبر الله بذلك في آيات من القرآن، فدل على أن تارك الصلاة كافر، والله أعلم.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: فإن قيل: فأي فائدة في تخصيص صلاة العصر بكونها محبطة دون غيرها من الصلوات؟ قيل: الحديث لم ينف الحبوط بغير العصر إلا بمفهوم لقب؛ وهو مفهوم ضعيف جدا، وتخصيص العصر بالذكر لشرفها من بين الصلوات، ولهذا كانت هي الصلاة الوسطى بنص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيح الصريح، ولهذا خصها بالذكر في الحديث الآخر وهو قوله: «الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله»؛ أي فكأنما سلب أهله وماله فأصبح بلا أهل ولا مال، وهذا تمثيل لحبوط عمله بتركها، كأنه شبه أعماله الصالحة بانتفاعه بها وتمتعه بها بمنزلة أهله، فإذا ترك صلاة العصر فهو كمن له أهل ومال، فخرج من بيته لحاجة وفيه أهله وماله، فرجع وقد اجتيح الأهل والمال، فبقي وترا دونهم، وموتورا بفقدهم، فلو بقيت عليه أعماله الصالحة لم يكن التمثيل مطابقا. انتهى.
الدليل التاسع عشر: ما رواه الإمام أحمد، ومسلم، وابن ماجة بإسناد مسلم، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله»، وفي رواية: «يا ويلي،