وفي حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر» رواه الإمام أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي.
فإذا كان العلماء ورثة الأنبياء فالفلاسفة ورثة اليونان، وكان معلمهم الأول أرسطو وزيرا للأسكندر بن فيلبس المقدوني ملك اليونان، وكان هو والملك وأصحابهما مشركين يعبدون الكواكب والأصنام، ويعانون السحر، فهذا ميراثهم الذي خلَّفوه لأتباعهم، مع ما تقدم ذكره في أول الفصل، وما لم يذكر وهو أكثر، وأما معلمهم الثاني أبو نصر الفارابي التركي فخلَّف لهم من الميراث أنواع الألحان والمعازف.
إذا عرف هذا فما أسفه رأي من رغب عن الأسماء التي اختارها الله لهذه الأمة، واختارها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت هي المعروفة عنده وعند أصحابه، والتابعين لهم بإحسان، وعَدَل إلى أسماء أجنبية عن الإسلام وأهل الإسلام ولُغتهم وعُرفهم.
وقد قال العلامة الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله تعالى في رده على زنادقة البحرين؛ لما خاطبوا محمد رشيد رضا باسم الفيلسوف: ثم لو سلَّمنا أن الفيلسوف على عُرف الفلاسفة وأتباعهم من أهل الكلام هو محب الحكمة، وأنه يُمدح ويُثنى به على العالم المصلح المرشد للعباد، لم يكن هذا من عرف أهل الإسلام ولا من لغتهم، ولا يمدح به أحد من علماء الإسلام؛ لأنه قد كان من المعلوم أنه لم يكن يسمى به أحد من علماء