ومن ضرر الفلاسفة على الإسلام وأهله ما ذكره المؤرخون في وقعة بغداد المشهورة في سنة ست وخمسين وستمائة، فقد قيل: إن القتلى بلغوا ألف ألف وثمانمائة ألف، وقيل: ألف ألف، وقيل غير ذلك.
وهذه الملحمة العظيمة لم يجر على أهل الإسلام مثلها، لا قبل ولا بعد، إلى زماننا هذا في أواخر القرن الرابع عشر، وكان ذلك بإشارة عدويّ الإسلام نصير الشرك الطوسي، الفيلسوف الملحد الباطني الإسماعيلي، والوزير ابن العلقمي الرافضي وكيدهما للإسلام وأهله، عاملهما الله تعالى بعدله، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الكافية الشافية:
وكذا أتى الطوسي بالحرب الصريـ ... ـح بصارم منه وسل سنان
وأتى إلى الإسلام يهدم أصله ... من أُسِّه وقواعد البنيان
عمر المدارس للفلاسفة الأُولى ... كفروا بدين الله والقرآن
وأتى إلى أوقاف أهل الدين ينـ ... ـقلها إليهم فعل ذي أضغان
وأراد تحويل الإشارات التي ... هي لابن سينا موضع الفرقان
وأراد تحويل الشريعة بالنوا ... ميس التي كانت لدى اليونان
لكنه علم اللعين بأن هـ ... ـذا ليس في المقدور والإمكان
إلا إذا قتل الخليفة والقضا ... ة وسائر الفقهاء في البلدان
فسعى لذاك وساعد المقدور بالـ ... أمر الذي هو حكمة الرحمن
فأشار أن يضع التتار سيوفهم ... في عسكر الإيمان والقرآن