فصل
الصنف الخامس: أفراخ الفلاسفة، الذي يُحكّمون عقولهم الفاسدة، ويجعلونها موازين للشرع؛ فما وافقها قبلوه، وما خالفها نبذوه وراء ظهورهم.
ويقولون: إن النبوة مكتسبة، وإنها فيض يفيض على روح النبي إذا استعدت نفسه لذلك، فمن راض نفسه حتى استعدت فاض ذلك عليه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - عندهم من جنس غيره من الأذكياء الزهاد؛ لكنه قد يكون أفضل.
والملائكة عندهم هي ما يتخيل في نفسه من الخيالات النورانية.
وكلام الله هو ما يسمع في نفسه من الأصوات؛ بمنزلة ما يراه النائم في منامه.
ويجوّزون على الأنبياء الكذب في خطاب الجمهور للمصلحة.
والفيلسوف عند بعضهم أعظم من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعند بعضهم أن الرسالة إنما هي للعامة دون الخاصة.
والعبادات كلها عندهم مقصودها تهذيب الأخلاق، والشريعة عندهم سياسة مدنية، إلى غير ذلك من أقاويل الفلاسفة وكفرياتهم.
وقد تعلق بأذيالهم كثير من منافقي هذه الأمة من المتقدمين والمتأخرين إلى زماننا هذا، ووردوا مواردهم الآجنة المُنتنة؛ فمستقل منها ومستكثر، وهم مع انتسابهم إلى الإسلام أضر على الإسلام وأهله من اليهود والنصارى والمشركين، وقد قيل فيهم: